تُعتبر العقلة إحدى الإجراءات القانونية التي تهدف إلى حماية حقوق الدائن وتمكينه من استرجاع ديونه من المدين. في القانون التونسي، تم تنظيم العقلة وفقاً لعدة نصوص قانونية تُراعي طبيعة المال محل العقلة، ومدى وجود سند تنفيذي، ومرحلة النزاع القضائي. في هذا المقال، سنستعرض أنواع العقلة في القانون التونسي بشكل مفصل ومبسط.
ما هي العقلة؟
العقلة هي إجراء قانوني يُتخذ من قبل الدائن لحجز أموال المدين، سواء كانت منقولة أو عقارية، بهدف ضمان استيفاء الدين. هذا الإجراء يحدّ من تصرف المدين في أمواله إلى حين الفصل في النزاع أو تنفيذ الحكم.
أنواع العقلة في القانون التونسي
1. العقلة التحفظية
العقلة التحفظية هي إجراء وقائي يتخذه الدائن لحماية حقه من الضياع قبل صدور حكم قضائي أو وجود سند تنفيذي. تُطبّق عادةً عندما يخشى الدائن من تصرف المدين في أمواله، كبيع سيارة أو نقل ملكية عقار.
يشترط القانون في بعض الحالات وجود مؤشرات جدية على الدين، إلا أنه لا يُشترط وجود حكم قضائي نهائي. وتُعتبر العقلة التحفظية وسيلة فعّالة لضمان بقاء المال في حوزة المدين إلى حين الفصل في القضية.
2. العقلة التوقيفية
العقلة التوقيفية تُستخدم في حالات خاصة عندما يكون الدين ثابتاً بسند، لكن ميعاد استحقاقه لم يحل بعد، أو كان مُعلقاً على شرط. تُطبّق هذه العقلة لمنع المدين من التصرف في المال إلى حين حلول الأجل أو تحقق الشرط.
مثال على ذلك: إذا كان شخص مديناً بمبلغ مالي يحل سداده بعد ثلاثة أشهر، يمكن للدائن أن يطلب عقلة توقيفية لحماية ماله في انتظار حلول الأجل.
3. العقلة التنفيذية
العقلة التنفيذية هي المرحلة النهائية التي يتم فيها تنفيذ الحكم القضائي الصادر ضد المدين. يشترط فيها وجود سند تنفيذي (كحكم قضائي نهائي أو عقد موثق)، ويتم بموجبها وضع يد العدالة على أموال المدين سواء منقولة أو عقارية، وبيعها بالمزاد العلني لتسديد الدين.
تُعد العقلة التنفيذية إجراءً قضائياً صارماً، ولا يمكن مباشرتها إلا بعد استيفاء كل الشروط القانونية.
هل تتوقف إجراءات العقلة بوفاة المدين؟
لا تتوقف إجراءات العقلة تلقائياً عند وفاة المدين، بل تنتقل المسؤولية إلى الورثة. في حالة وجود تركة، يمكن للدائن مواصلة الإجراءات لاستيفاء حقه من التركة. أما إذا لم توجد تركة، فلا يمكن للدائن مواصلة الإجراءات ضد الورثة شخصياً إلا إذا قَبِلوا الميراث قبولا إيجابياً.
متى يمكن للبنك أو المؤسسة المالية تنفيذ العقلة؟
في حال تخلف المدين عن تسديد أقساط قرض أو التزام تعاقدي، يمكن للبنك اتخاذ إجراءات عقلة تحفظية أو تنفيذية وفقاً لطبيعة السند الذي بحوزته. يتم عادةً إعلام المدين بمحاولة إعادة جدولة الدين، وفي حال عدم التوصل إلى اتفاق، تُباشَر العقلة المناسبة.
خاتمة
يُعد فهم أنواع العقلة في القانون التونسي أمراً ضرورياً لكل من الدائن والمدين. إذ يُمكّن الدائن من حماية حقوقه، ويُنبّه المدين إلى ضرورة الالتزام بسداد ديونه لتفادي تبعات قانونية خطيرة. لذلك من المهم استشارة محام مختص عند التعرض لأي وضعية قد تستدعي اللجوء للعقلة أو التعامل معها.
لأي استفسار قانوني حول العقلة أو أي إجراء قضائي آخر، يُفضل دائماً استشارة مختص في القانون التونسي لضمان حقوقك واتباع الإجراءات القانونية السليمة.